بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ﷺ، أشرف الخلق وإمام المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد...
الحديث الثالث عشر من الأربعين النووية
نص الحديث
عن أبي حمزةَ أنسِ بنِ مالكٍ رَضِي اللهُ عَنْهُ خادمِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: {لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَِخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ}.
الرواه
البخاريُّ ومسلمٌ.
إعراب مفردات الحديث
{لا}: نافية.
{يؤمن}: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر جوازًا تقديره هو.
{أحدكم}: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة، وهو مضاف.
{الكاف}: ضمير خطاب مبني على الضم في محل جر بالإضافة.
{حتى}: أداة نصب الفعل المضارع.
{يحب}: فعل مضارع منصوب وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر جوازًا تقديره هو.
{لأخيه}: (اللام): حرف جر.
{أخيه}: اسم مجرور وعلامة جره الياء، لأنه من الأسماء الستة، وهو مضاف الهاء ضمير مبني على الكسرة في محل جر مضاف إليه.
{ما}: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
{يحب}: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل ضمير مستتر جوازًا تقديره هو والجملة صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
{لنفسه}: اللام حرف جر نفس اسم مجرور وعلامة جره الكسرة وهو مضاف، {الهاء}: ضمير مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه.
وجه كون الحديث من جوامع الكلم
أن الأحكام تتعلق بالله وبخلقه، ثم التي تتعلق بخلقه إما بنفعهم أو بترك ضررهم، وهذا الحديث راجع إلى ما يتعلق بالخلق من جهة نفعهم وترك ضررهم، فصار من هذه الجهة من جوامع الكلم. وقد أشار لبعض هذا ابن حجر الهيتمي في كتابه «الفتح المبين بشرح الأربعين».
شرح الحديث الشريف:
قوله ﷺ (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه: الأولى أن يحمل ذلك على عموم الأخوة، حتي يشمل الكافر والمسلم، فيحب لأخيه الكافر ما يحب لنفسه من دخوله في الإسلام، كما يحب لأخيه المسلم دوامه على الإسلام، ولهذا كان الدعاء بالهداية للكافر مستحبًا، والحديث محمول على نفي الإيمان الكامل عمن لم يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
والمراد بالمحبة إرادة الخير والمنفعة، ثم المراد: المحبة الدينية لا المحبة البشرية، فإن الطباع البشرية قد تكره حصول الخير وتمييز غيرها عليها، والإنسان يجب عليه أن يخالف الطباع البشرية ويدعو لأخيه ويتمنى له ما يحب لنفسه، والشخص متى لم يحب لأخيه ما يحب لنفسه كان حسودًا.
والحسد كما قال الغزالي: ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول:
أن يتمنى زوال نعمة الغير وحصولها لنفسه.
الثاني:
أن يتمنى زوال نعمة الغير وإن لم تحصل له كما إذا كان عنده مثلها أو لم يكن يحبها، وهذا أشر من الأول.
الثالث:
أن لا يتمنى زوال النعمة عن الغير ولكن يكره ارتفاعه عليه في الحظ والمنزلة ويرضى بالمساواة ولا يرضى بالزيادة، وهذا أيضًا محرم لأنه لم يرضىٰ بقسمة الله تعالى: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ۚ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا ۗ وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ}: [الزخرف:٣٢]. فمن لم يرضىٰ بالقسمة فقد عارض الله تعالى في قسمته وحكمته.
وعلى الإنسان أن يعالج نفسه ويحملها على الرضى بالقضاء ويخالفها بالدعاء لعدوه بما يخالف النفس.