البعد عن مواطن الشبهات - الأربعون النووية - مسلمون

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أشرف الخلق وإمام المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد...

البعد عن مواطن الشبهات - الأربعون النووية - مسلمون



الحديث السادس:

البُعد عن مواطن الشبهات.


عن أبي عبدِ اللهِ النُّعمانِ بنِ بَشيرٍ رَضِي اللهُ عَنْهُما قالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ ﷺ يقولُ: 

{إنَّ الحَلاَلَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُما أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وعِرْضِهِ، ومَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلاَ وإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُـهُ، أَلاَ وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلاَ وهِيَ الْقَلْبُ}- رواه البخاريُّ ومسلمٌ.



إعراب الحديث:


{عن}: حرف جر.

{أبي}: اسم مجرور وعلامة جره الياء وهو مضاف.

{عبد}: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة وهو مضاف.

{الله}: لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة.

{النعمان}: بدل من أبي مجرور وعلامة جره الكسرة.

{بن}: بدل ثانٍ مجرور وعلامة جره الكسرة وهو مضاف.

{بشير}: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة.

{رضي}: فعل ماضٍ مبني على الفتح.

{الله}: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة.

{عنهما}: {عن} حرف جر.

 {الهاء}: ضمير مبني على الضم في محل جر والميم علامة التأنيث.

{قال}: فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر جوازًا تقديره هو.

{سمعت}: سمع فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل والتاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع فاعل.

{رسول}: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة وهو مضاف.

{الله}: لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة.

{يقول}: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والفاعل مستتر جوازًا تقديره هو وجملة سمعت... يقول في محــل نصب مقول القول؛ وجملة يقول في محل نصب حال.

{إن الحلال بيِّن}:

 {إن}: حرف توكيد ونصب.

{الحلال}: اسم إن منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

 {بيِّن}: خبر إن مرفوع وعلامة رفعه الضمة. 

{وإن الحرام بيِّن}: {الواو} حرف عطف.

{وبينهما}: {الواو} حرف عطف.

{بينهما}: بين ظرف مكان منصوب على الظرفية وهو متعلق بمحذوف خبر مقدم.

{أمور}: مبتدأ مؤخر.

{مشتبهات}: صفه لأمور مرفوعة وعلامة رفعها الضمة.

{لا يعلمهن كثير من الناس}:

 {لا}: نافية.

{يعلم}: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم.

{كثير}: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة.

{من الناس}: من: حرف جر.

الناس: اسم مجرور وعلامة جره الكسرة وجملة لا يعلمهن في محل رفع صفة لأمور.

{فمن اتقــى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه}: 

{الفاء}: استئنافية.

{من}: اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ والجملة بعده خبر اتقى فعل ماضٍ مبني على الفتح المقدر منع من ظهوره التعذر وهو في محل جزم فعل الشرط والفاعل مستتر جوازًا تقديره هو.

{الشبهات}: مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة لأنه جمع مؤنث سالم.

{فقد}: الفاء واقعة في جواب الشرط.

{قد}: حرف تحقيق.

{استبرأ}: فعل ماضٍ مبني على الفتح الظاهر في محل جزم جواب الشرط.

{لدينه وعرضه}: اللام حرف جر، دين: اسم مجرور وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر بالإضافة.

{وعرضه}: الواو حرف عطف، {عرضه}: تعرب إعراب دينه.

{ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام}: {الواو}: استئنافية.

من: أداة شرط جازمة مبنية على السكون في محل رفع مبتدأ والجملة الشرطية بعدها في محل رفع خبر.

{وقع}: فعل ماضٍ مبني على الفتح قي محل جزم فعل الشرط والفاعل مستتر جوازاً تقديره هو.

في: حرف جر.

{الشبهات}: اسم مجرور وعلامة جره الكسرة والجار والمجرور متعلقان بـ{وقع}.

{فقد}: الفاء واقعة في جواب الشرط.

{قد}: حرف تحقيق.

{وقع}: فعل ماضٍ مبني على الفتح في محل جزم وهو جواب الشرط.

والفاعل مستتر جوازًا تقديره هو.

{في}: حرف جر.

{الحرام}: اسم مجرور وعلامة جره الكسرة، والجار والمجرور بـ{وقع} الثانية.

 {كالراعى يرعى حول الحمى}: الكاف حرف تشبيه وجر.

{الراعى}: اسم مجرور وعلامة جره كسرة مقدرة منع من ظهورها الثقل.

{يرعى}: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة منع من ظهورها التعذر، والجملة في محل نصب حال.

{حول}: ظرف مكان.

{الحمى}: مضاف إليه مجرور وعلامة جره كسرة مقدرة منع من ظهورها التعذر.

{يوشك أن يرتع فيه}: {يوشك}: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره وهو من أفعال المقاربة يعمل عمل كان يرفع المبتدأ وينصب الخبر واسمها مستتر جوازًا تقديره هو.

{أن}: تنصب الفعل المضارع.

{يرتع}: فعل مضارع وفاعله مستتر جوازًا تقديره هو.

والجملة في محل نصب خبر يوشك.

{فيه}: في حرف جر.

{الهاء}: ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر، والجار والمجرور متعلقاً بيرتع.

{ألا وإن لكل ملك حمى}: {ألا}: أداة تنبيه.

{الواو}: زائدة للتوكيد.

{إنَّ}: حرف توكيد ونصب.

{اللام}: حرف جر.

{كل}: اسم مجرور وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر إن مقدم.

{ملك}: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة.

{حمى}: اسم إن مؤخر منصوب وعلامة نصبه فتحة مقدرة منع من ظهورها التعذر.

{ألا وإن حمى الله محارمه}: {ألا وإن}: سبق إعرابها.

{حمى}: اسم منصوب وعلامة نصبه فتحة مقدرة منع من ظهورها التعذر وهو مضاف.

{الله}: لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة.

{محارمه}: محارم خبر إن مرفوع وعلامة رفعه الضمة وهو مضاف الهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر بالإضافة.

{ألا وإن في الجسد مضغة}: {ألا وإن}: سبق إعرابها.

{في الجسد}: {في}: حرف جر ، {الجسد}: اسم مجرور وعلامة جره الكسرة والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر إن.

{مضغة}: اسم إن مؤخر منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

{إذا صلحت صلح الجسد كله}: {إذا}: أداة شرط غير جازمة وهي ظرف لما يستقبل من الزمان.

{صلحت}: فعل ماضٍ مبني على الفتح والتاء للتأنيث وهى فعل الشرط.

{صلح}: فعل ماضٍ مبني على الفتح وهو جواب الشرط.

وجملة فعل الشرط وجوابه في محل جر بالإضافة لإذا.

{الجسد}: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة.

{كله}: توكيد معنوي والضمير المتصل مبني على الضم في محل جر مضاف إليه.

والجملة الشرطية وما بعدها في محل جر بإضافة إذا إليها. {وإذا فسدت فسد الجسد كله}: {الواو} حرف عطف.

والجملة الشرطية تعرب كسابقتها.

{ألا وهى القلب}: {ألا}: أداة تنبيه.

{الواو}: للتوكيد.

{هي}: ضمير منفصل مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ.

{القلب}: خبر مرفوع وعلامة رفعه الضمة.



مفردات الحديث


(الحلال): وهو ما نص الله ورسوله، أو أجمع المسلمون على تحليله. 

أو لم يعلم فيه منع. 

(بين): ظاهر. 

(الحرام): وهو ما نص أو أجمع على تحريمه، أو على أن فيه حدا أو تعزيزًا: أو وعيدًا. 

(أمور): شئون وأحوال. 

(مشتبهات): ليست بواضحة الحل ولا الحرمة. 

(لا يعلمهن كثير من الناس): في راية الترمذي، لا يدري كثير من الناس أمن الحلال هي أم من الحرام. 

(اتقى الشبهات): تركها وحذر منها.

 وفيه إيقاع الظاهر موقع المضمر تفخيما لشأن اجتناب الشبهات، إذا هي المشتبهات بعينها. 

(استبرأ لدينه): طلب البراءة له من الذم الشرعي وحصلها له. 

(وعرضه): يصونه عن كلام الناس فيه بما يشينه ويعيبه. والعرض: موضع المدح والذم من الإنسان. 

(ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام): إي إذا اعتادها واستمر عليها.

 أدته إلى التجاسر إلى الوقوع في الحرام. 

(حول الحمى): المحمى المحظور عن غير مالكه. 

(يرتع فيه): بفتح التاء، تأكل ماشيته منه فيعاقب. 

(وأن لكل ملك): من ملوك العرب. 

(حمى): موضعا يحميه عن الناس، ويتوعد من دخل إليه أو قرب منه، بالعقوبة الشديدة. 

(محارمه): جمع محرم، وهو فعل المنهي عنه، أو ترك المأمور به الواجب. 

(ألا): حرف استفتاح، يدل على تحقق ما بعدها.

 وفي تكرير ها دليل على عظم شأن مدخولها وعظم موقعه. 

(مضغة): قطعة لحم. 

(صلحت): بفتح اللام وضمها، والفتح أشهر وقيد بعضهم الضم بالصلاح الذي صار سجية. 



شرح وفوائد الحديث


قوله ﷺ: (الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات.... الخ) اختلف العلماء في حد الحلال والحرام، فقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: الحلال مادل الدليل على حله.

وقال الشافعي رحمه الله: الحرام ما دل الدليل على تحريمه. 

قوله ﷺ: (وبينهما أمور مشتبهات) أي بين الحلال والحرام أمور مشتبهة بالحلال والحرام، فحيث انتفت الكراهة وكان السؤال عنه بدعة.

وذلك إذا قدم غريب بمتاع يبيعه فلا يجب البحث عن ذلك، بل ولا يستحب، ويكره السؤال عنه. 

قوله ﷺ: (فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه) أي طلب براءة دينه وسلم من الشبهة. 

وأما براءة العرض: فإنه إذا لم يتركها تطاول إليه السفهاء بالغيبة ونسبوه إلى أكل الحرام فيكون مدعاة لوقوعهم في الإثم وقد ورد عنه ﷺ أنه قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقف مواقف التهم)وعن علي رضي الله عنه أنه قال: إياك وما يسبق إلى القلوب إنكاره، وإن كان عندك اعتذاره، فرب سامع نكرًا لا تستطيع أن تسمعه عذرًا‌. 

وفي صحيح الترمذي أنهﷺ قال: (إذا أحدث أحدكم في الصلاة فليأخذ بأنفه ثم لينصرف) وذلك لئلا يقال عنه أحدث. 

قوله ﷺ: (فمن وقع في الشبهات وقع في الحرام) يحتمل أمرين: احدهما أن يقع في الحرام وهو يظن أنه ليس بحرام. والثاني: أن يكون المعنى قد قارب أن يقع في الحرام كما يقال: المعاصي بريد الكفر.

لأن النفس إذا وقعت في المخالفة تدرجت من مفسدة إلى أخرى أكبر منها، قيل: وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: ﴿ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون﴾. [آل عمران:١١٢]. 

يريد أنهم تدرجوا بالمعاصي إلى قتل الأنبياء. 

وفي الحديث: (لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده). 

أي يتدرج من البيضة والحبل إلى نصاب السرقة، والحمى ما يحميه الغير من الحشيش في الأرض المباحة فمن رعى حول الحمى يقرب أن تقع فيه ماشيته فيرعي فيما حماه الغير بخلاف ما إذا رعى إبله بعيداً من الحمى.

واعلم أن كل محرم له حمى يحيط به، فالفرج محرم وحماه الفخذان لأنهما جعلًا حريمًا للمحرم، وكذلك الخلوة بالإجنبية حمى للمحرم، فيجب على الشخص أن يجتنب الحريم والمحرَّم، فالمحرم حرام لعينه، والحريم محرم لأنه يتدرج به إلى المحرم. 


قوله ﷺ: (وإن في الجسد مضغة) أي في الجسد مضغة إذا خشعت خشعت الجوارح، وإذا طمحت طمحت الجوارح وإذا فسدت فسدت الجوارح.

 قال العلماء: البدن مملكة والنفس مدينتها، والقلب وسط المملكة، والأعضاء كالخدام والقوى الباطنية كضياع المدينة، والعقل كالوزير المشفق الناصح به، والشهوة طالب أرزاق الخدام، والغضب صاحب الشرطة، وهو عبد مكار خبيث، يتمثل بصورة الناصح ونصحه سم قاتل، ودأبه أبدًا منازعة الوزير الناصح والقوة المخيلة في مقدم الدماغ كالخازن، والقوة المفكرة في وسط الدماغ، والقوة الحافظة في آخر الدماغ، واللسان كالترجمان، والحواس الخمس جواسيس، وقد وكل كل واحد منهم بصنيع من الصناعات، فوكل العين بعالم الألوان، والسمع بعالم الأصوات، وكذلك سائرها فإنها أصحاب الأخبار، ثم قيل: هي كالحجبة توصل إلى النفس ما تدركه، وقيل: إن السمع والبصر والشم كالطاقات تنظر منها النفس، فالقلب هو الملك فإذا صلح الراعي صلحت الرعية وإذا فسد فسدت الرعية، وإنما يحصل صلاحه بسلامته من الأمراض الباطنة كالغل والحقد والحسد والشح والبخل والكبر والسخرية والرياء والسمعة والمكر والحرص والطمع وعدم الرضى بالمقدور، وأمراض القلب كثيرة تبلغ نحو الأربعين، عافانا الله منها وجعلنا ممن يأتيه بقلب سليم.



ما يستفاد من الحديث


 ١- الحث على فعل الحلال. 

٢- اجتناب الحرام والشبهات. 

٣- أن للشبهات حكما خاصا بها، عليه دليل شرعي يمكن أن يصل إليه بعض الناس وإن خفي على الكثير. 

٤- المحافظة على أمور الدين ومراعاة المروءة. 

٥- أن من لم يتوق الشبهة في كسبه ومعاشه فقد عرض نفسه للطعن فيه، ويعتبر هذا الحديث من أصول الجرح والتعديل لما ذكر. 

٦- سد الذرائع إلى المحرمات، وأدلة ذلك في الشريعة كثيرة. 

٧- ضرب الأمثال للمعاني الشرعية العملية. 

٨- التنبيه على تعظيم قدر القلب والحث على إصلاحه، فإن أمير البدن بصلاحه يصلح، وبفساده يفسد. 

٩- إن لطيب الكسب أثرًا في إصلاحه.




الحديث السادس من الأربعين النووية.



والحمد لله رب العالمين.

أحمد الأصلي
بواسطة : أحمد الأصلي
أحمد الأصلي: رائد أعمال وخبير تربوي. رئيس مجلس إدارة موقع سبأ نيوز. مؤسس أكاديمية التدريس. مؤلف كتاب "درب المعلم المثالي". محاضر دورة التدريس أونلاين ودورة التعلم المثمر، ومنشئ محتوى علمي، وله عدة مقالات في المجال التربوي تم نشرها في الجرائد والمجلات المصرية. وهو أيضا مؤسس ومدير مؤسسة "مُسْلِمُونْ" لتنمية الوعي الديني والشرعي للمسلم والتوعية بتعاليم الإسلام لغير المسلم. حاصل على بكالوريوس في العلوم والتربية من كلية التربية جامعة الأزهر بنين بالقاهرة.
تعليقات