الدين النصيحة - الأربعون النووية - مسلمون

 بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أشرف الخلق وإمام المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد...


الدين النصيحة - الأربعون النووية - مسلمون



الحديث السابع:
الدين النصيحة.



عن أبي رُقَيَّةَ تَميمِ بنِ أوْسٍ الدَّاريِّ رَضِي اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبيَّ ﷺ قالَ: (الدِّينُ النَّصِيحَةُ). قُلْنَا: لِمَنْ؟ قالَ: {للهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَِئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ} - رواه ومسلمٌ.



إعراب الحديث


{عن أبي رقيه تميم بن أوس الداري}: 

{عن}: حرف جر، {أبي}: اسم مجرور بعن وعلامة جره الياء لأنه من الأسماء الخمسة وهو مضاف.

{رقية}: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الفتحة لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث.

{تميم}: بدل من أبي مجرور وعلامة جره الكسرة وهو مضاف.

{ابن}: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة وهو مضاف.

{أوس}: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة.

{الداري}: صفة لتميم مجرورة وعلامة جرها الكسرة.


{رضي الله عنه}:

 {رضي}: فعل ماضٍ مبني على الفتح.

{الله}: لفظ الجلالة فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.

{عنه}: عن حرف جر والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر والجار والمجرور متعلقان برضي.


{أن النبي صلى الله عليه وسلم قال}: 

{أن}: حرف توكيد ونصب.

{النبي}: اسمها منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

{صلى}: فعل ماضٍ مبني على الفتح المقدر منع من ظهورها التعذر.

{الله}: لفظ الجلالة فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.

{عليه}: على حرف جر الهاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر والجار والمجرور متعلقان بصلى.

{وسلم}: الواو حرف عطف.

{سلم}: فعل ماضٍ مبني على الفتح والفاعل مستتر جوازًا تقديره هو.

{قال}: فعل ماضٍ مبني على الفتحة الظاهرة والفاعل مستتر جوازًا تقديره هو.


{الدين النصيحة}: 

{الدين}: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.

{النصيحة}: خبر مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.

{قلنا لمن}: قال فعل ماضٍ مبني على السكون لاتصاله بناء الفاعلين.

{نا}: ضمير مبني على السكون في محل رفع فاعل.

{لمن}: اللام حرف جر.

{من}: اسم استفهام مبني على السكون في محل جر وجملة لمن في محل نصب مقول القول.

{قال لله}: قال فعل ماضٍ مبني على الفتح.

{لله}: جار ومجرور متعلقان بقال.

{ولكتابه}: الواو حرف عطف.

اللام حرف جر.

{كتابه}: اسم مجرور وعلامة جره الكسرة وهو مضاف والهاء ضمير مبني على الكسر في محل جر.

{ولأئمة المسلمين}: الواو حرف عطف.

{اللام}: حرف جر.

{أئمة}: اسم مجرور وعلامة جره الكسرة وهو مضاف.

{المسلمين}: مضاف إليه مجرور وعلامة جره الياء.

{وعامتهم}: 

{الواو} حرف عطف.

{عامتهم}: 

{عامة} اسم مجرور وعلامة جره الكسرة وهو مضاف.

{هم}: ضمير مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه.

والميم للجمع.

وجملة {لله} وما بعدها في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف تقديره النصيحة.

أي النصيحة {لله}.




مفردات الحديث


(الدين): دين الإسلام. 

(النصيحة): تصفية النفس من الغش للمنصوح له. 

(قلنا): معشر السامعين. 

(لله): بالإيمان به ونفي الشريك عنه، وترك الإلحاد في صفاته، ووصفه بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله، وتنزيهه عن جميع النقائص.

 والرغبة في محابه بفعل طاعته، الرهبة من مساخطه بترك معصيته، والاجتهاد في رد العصاة إليه. 

(ولكتابه): بالإيمان، بأنه كلامه وتنزيله، وتلاوته حق تلاوته وتعظيمه، والعمل بما فيه والدعاء إليه. 

ولرسوله: بتصديق رسالته، والإيمان بجميع ما جاء به وطاعته، وإحياء سنته بتعلمها وتعليمها، والإقتداء به في أقوله وأفعاله، ومحبته ومحبة أتباعه. 


(ولأئمة المسلمين): الولاة بإعانتهم على ما حملوا القيام به وطاعتهم وجمع الكلمة عليهم، وأمرهم بالحق ورد القلوب النافرة إليهم، وتبليغهم حاجات المسلمين، والجهاد معهم والصلاة خلفهم، وأداء الزكاة إليهم وترك الخروج عنهم بالسيف إذا ظهر منهم حيف، والدعاء لهم بالصلاح.

 وأما أئمة العلم فالنصيحة لهم بث علومهم ونشر مناقبهم، وتحسين الظن بهم. 

(وعامتهم): بالشفقة عليهم، وإرشادهم إلى مصالحهم، والسعي فيما يعود نفعه عليهم، وكف الأذى عنهم، وأن بحب لهم ما يحب لنفسه، ويكره لهم ما يكره لنفسه. 




شرح وفوائد الحديث


قوله ﷺ: (الدين النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) 

قال الخطابي: النصيحة كلمة جامعة معناها حيازة الحظ للمنصوح له. 

وقيل النصيحة مأخوذة من نصح الرجل ثوبه إذا خاطه، فشبهوا فعل الناصح فيما يتحراه من صلاح الرجل ثوبه إذا خاطه، فشبهوا فعل الناصح فيما يتحراه من صلاح المنصوح له بما يسد من خلل الثوب، وقيل: إنها مأخوذة من نصحت العسل، إذا صفيته من الشمع، شبهوا تخليص القول من الغش بتخليص العسل من الخلط. 

قال العلماء: أما النصيحة لله تعالى فمعناها ينصرف إلى الإيمان بالله، ونفي الشريك عنه، وترك الإلحاد في صفاته ووصفه بصفات الكمال والجلال كلها، وتنزيهه سبحانه وتعالى عن جميع أنواع النقائص، والقيام بطاعته، واجتناب معصيته، والحب فيه، والبغض فيه، ومودة من أطاعه، ومعاداة من عصاه، وجهاد من كفر به، والاعتراف بنعمته، وشكره عليها، والإخلاص في جميع الأمور، والدعاء إلى جميع الأوصاف المذكورة والحث عليها، والتطلف بجميع الناس، أو من أمكن منهم عليها، وحقيقة هذه الأوصاف راجعة إلى العبد في نصحه نفسه، والله تعالى غني عن نصح الناصحين. 

وأما النصيحة لكتاب الله تعالى: فالإيمان بأنه كلام الله تعالى وتنزيله، لا يشبهه شيء من كلام الناس، ولا يقدر على مثله أحد من الخلق ثم تعظيمه وتلاوته حق تلاوته، وتحسينها، والخشوع عندها، وإقامة حروفه في التلاوة، والذب عنه لتأويل المحرفين، وتعريض الطاعنين والتصديق بما فيه، والوقوف مع أحكامه، وتفهم علومه وأمثاله، والاعتبار بمواعظه، والتفكير في عجائبه، والعمل بمحكمه، والتسليم لمتشابهه، والبحث عن عمومه وخصوصه، وناسخه ومنسوخه، ونشر علومه والدعاء إليه وإلى ما ذكرناه من نصيحته. 

وأما النصيحة لرسول الله ﷺ: فتصديقه على الرسالة، والإيمان بجميع ما جاء به، وطاعته في أمره ونهيه ونصرته حياً وميتاً، ومعاداة من عاداه وموالاة من ولاه، وإعظام حقه وتوقيره، وإحياء طريقته وسننه، وبث دعوته ونشر سنته، ونفس التهم عنها، ونشر علومها، والفقه فيها، والدعاء لها، والتلطف في تعلمها وتعليمها، وإعظامها وإجلالها، والتأدب عند قراءتها، والإمساك عن الكلام فيها بغير علم، وإجلال أهلها لانتسابهم إليها.

 والتخلق بأخلاقه والتأدب بآدابه، ومحبة أهل بيته وأصحابه، ومجانبة من ابتدع سنته أو تعرض لأحد من أصحابه ونحو ذلك. 

وأما النصيحة لأئمة المسلمين: فمعاونتهم على الحق، وطاعتهم فيه، وأمرهم به ونهيهم وتذكيرهم برفق، وإعلامهم بما غفلوا عنه ولم يبلغهم من حقوق المسلمين وترك الخورج عليهم، وتأليف قلوب المسلمين لطاعتهم. 

قال الخطابي: ومن النصيحة لهم، الصلاة خلفهم، والجهاد معهم، وأداء الصدقات إليهم، وترك الخروج بالسيف عليهم إذا ظهر منهم حيف أو سوء عشرة، وأن لا يغروا بالثناء الكاذب عليهم، وأن يدعى لهم بالصلاح. 


قال ابن بطال رحمه الله تعالى: في هذا الحديث دليل أن النصيحة تسمى دينًا وإسلامًا، وأن الدين يقع على العمل كما يقع على القول، قال: والنصيحة فرض يجزى فيه من قام به، يسقط عن الباقين، قال: والنصيحة واجبة على قدر الطاعة إذا علم الناصح أنه يقبل نصحه ويطاع أمره وأمن على نفسه المكروه، فإن خشي أذى فهو في سعة والله تعالى أعلم.

 فإن قيل ففي صحيح البخاري أنه ﷺقال: (إذا استنصح أحدكم أخاه فلينصح له)، وهويدل على تعليق الوجوب بالاستنصاح لا مطلقاً، ومفهوم الشرط حجة في تخصيص عموم المنطوق.

 فجوابه: يمكن حمل ذلك على الأمور الدنيوية كنكاح امرأة ومعاملة رجل ونحو ذلك، والأول يحتمل بعمومه في الأمور الدينية التي هي واجبة على كل مسلم، والله تعالى أعلم.



ما يستفاد من الحديث


١- الأمر بالنصيحة. 

٢- أن النصيحة تسمى دينًا وإسلامًا. 

٣- أن الدين يقع على العمل كما يقع على القول. 

٤- أن للعالم أن يكل فهم ما يلقيه إلى السامع، ولا يزيد له في البيان حتى يسأله السامع لتشوق نفسه حينئذ إليه، فيكون أوقع في نفسه مما إذا هجمه به من أول وهلة. 


الحديث السابع من الأربعين النووية.


والحمد لله رب العالمين.

أحمد الأصلي
بواسطة : أحمد الأصلي
أحمد الأصلي: رائد أعمال وخبير تربوي. رئيس مجلس إدارة موقع سبأ نيوز. مؤسس أكاديمية التدريس. مؤلف كتاب "درب المعلم المثالي". محاضر دورة التدريس أونلاين ودورة التعلم المثمر، ومنشئ محتوى علمي، وله عدة مقالات في المجال التربوي تم نشرها في الجرائد والمجلات المصرية. وهو أيضا مؤسس ومدير مؤسسة "مُسْلِمُونْ" لتنمية الوعي الديني والشرعي للمسلم والتوعية بتعاليم الإسلام لغير المسلم. حاصل على بكالوريوس في العلوم والتربية من كلية التربية جامعة الأزهر بنين بالقاهرة.
تعليقات