بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أشرف الخلق وإمام المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد...
نَصُ الحَدِيْث
قال اللهُ تعالَى: أنا أغْنَى الشُّركاءِ عنِ الشِّركِ، مَنْ عمِلَ عملًا أشركَ فيه معِيَ تركتُهُ وشِركَهُ
الراوي: أبو هريرة.
المحدث: الألباني.
المصدر: صحيح الجامع.
الصفحة رقم: [٤٣١٣].
خلاصة حكم المحدث: صحيح.
التخريج: أخرجه مسلم [٢٩٨٥] باختلاف يسير.
مَعَانِي الكَلِمَات
{أنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عنِ الشِّركِ}: أي: عَن مُشَّاركةِ أَحدٍ، وعَن عَملٍ فِيهِ شِرك.
{أَشْرَكَ فِيهِ مَعِيَ}: أي: قَصَد بعَملِه غيْرِي مِن المَخلُوقِين.
{تَركتُهُ وشِركُهُ}: أي: لمْ أَقبَلَ عمَلهُ بل أَتْركُه لغِير ذَلك.
شَرْحُ الحَدِيْث
الشِّركُ الأصغَرُ هو كلُّ ما نَهىٰ عنه الشَّرعُ ممَّا هو ذَريعةٌ إلى الشِّركِ الأكبَرِ، ووَسيلةٌ لِلوُقوعِ فيه، وهو غيرُ مُخرِجٍ مِن مِلَّةِ الإسلامِ، ومِن أنواعِ هذا الشِّركِ: الرِّياءُ، وهو مِن صَنيعِ المنافِقين.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ ﷺ أنَّ اللهَ تبارَك وتعالى قال: «أنا أغنى الشُّركاءِ عن الشِّرك»؛ فاللهُ تَعالى هُو الغنيُّ عن كُلِّ شيءٍ، لا نِدَّ له، ومُعطِيَ إلَّا هو، وأنَّه إذا عَمِلَ الإنسانُ عَمَلًا منَ الطَّاعاتِ ممَّا يَختَصُّ به اللهُ، فجَعَله للهِ ولِغيرِ اللهِ، تَرَكَه اللهُ فلم يَقبَلْه منه ولم يُعطِه ثَوابًا عليه، فلَو صلَّى الإنسانُ للهِ ولِلنَّاسِ لم يَقبَلِ اللهُ صَلاتَه؛ فاللهُ سُبحانَه وتَعالَى هو الَّذي خلَقَ الخَلقَ، وهو الَّذي يَرزُقُهم، فكيْف يُقابِلون نِعَمَه وأفضالَه عليهم بإشراكِ غيرِه معه في التَّوجُّهِ إليه بالطَّاعةِ؟
بلِ الواجبُ عليهم إخلاصُ النِّيَّةِ للهِ وإفرادُه بالعبادةِ.
فأخبَرَ اللهُ عزَّ وجلَّ أنَّه يَتبرَّأُ مِنَ العملِ الَّذي لم يُخلِصْ فيه صاحِبُه النِّيَّةَ له سُبحانَه، وشابَتْهُ شائبةُ الشِّركِ؛ فيَرُدُّه على صاحِبِه، ولا يَقبَلُه؛ لأنَّه سُبحانَه لا يَقبَلُ إلَّا ما كان خالِصًا لوَجْهِه لا رِياءَ فيه ولا سُمْعةَ تُخالِطُه.
وفي الحديثِ: أنَّ الرِّياءَ إذا دخَلَ في العِبادةِ؛ فإنَّها لا تُقبَلُ.
فَوَائِد منْ الحَدِيثِ
١- التَحذِير مِن الشِركِ بجَمِيعِ أَشْكَالهِ؛ وأنَّه مَانِعٌ مِن قُبُولِ العَملِ.
٢- وجُوبُِ إخِلاصِ العَملُ للّٰهِ ﷻ مِن جَمِيعِ شَوائِب الشِركِ.
٣- وصْفُ اللّٰه ﷻ بالكَلامِ.
٤- إثبَاتُ صِفّةُ الغِنَىٰ المُطلَقِ للّٰهِ ﷻ.
٥- لا يَقَبلُ اللّٰهُ من العَملِ إلا مَا كَان خَالِصَا له ﷻ.
٦- إِثبَاتُ كَرم اللّٰه ﷻ المُطْلَقِ.
وٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَالَمِينَ.